د/ لمياء لطفي عضو الجمعية
السعودية للغذاء والتغذية
تراث فرعوني قديم، تميز به المصريون خاصة بكل طوائفهم. إنه عيد شم النسيم يحتفل به المسلمون والمسيحيون معاً، وهو يسمى لدى البعض بـ (عيد الربيع)، ويكثر فيه تناول الفسيخ والأسماك المملحة، وتطبيقاً لنظرية اعرف عدوك أولاً،
إنها البكتيريا التي تسبب مرض الشلل الرخو، بكتيريا Clostridium botulinum والتي إذا تعرض لها الفسيخ أفرزت فيه توكسين شديد الخطورة يبدأ بسلسلة من الأعراض البسيطة المتعارف عليها ما بين 12- 48 ساعة مثل الغثيان، القيء، تعب شديد، دوار في الرأس، صداع، جفاف الجلد والفم والحنجرة ثم ينتهي المسلسل بشلل في العضلات ثم الجهاز التنفسي ثم القلب ثم الوفاة في حوالي 65% من حالات الإصابة. وعند تعرض الشخص للإصابة ببكتيريا الكلوستريديوم نتيجة إستهلاك الفسيخ أو الأسماك المملحة يجب علاجه بإستخدام المصل المضاد بسرعة بقدر الإمكان وإن كان هذا غير فعال بدرجة كبيرة، ومن أكثر أنواع الأغذية تعرضاً للإصابة ببكتيريا هذا التسمم اللحوم المحفوظة والأسماك والأغذية المتعادلة بصفة عامة.
ويجب الالتزام بإحتياطات الأمن والسلامة عند تناول هذه الوجبات فهناك بعض الحالات المرضية التى ينصح بإمتناعها عن تناول الأسماك المملحة من الرنجة والفسيخ وغيرها مثل مرضى الفشل الكبدي ومرضى ارتفاع الضغط ومرضى هبوط القلب. كما تشمل القائمة أيضاً بعض حالات الحساسية وتورم القدمين، ويرجع هذا إلى زيادة نسبة الملح (كلوريد الصوديوم) فى هذه الأغذية، مما يسبب ضرراً كبيراً لهؤلاء المرضى خاصة فى حالة مرضى الكبد وبالذات أن الأسماك تحتوى على بروتين وهو يساعد فى حدوث الغيبوبة الكبدية لإرتفاع نسبة الأمونيا فى الدم بعد تناول هذه الأغذية، ولكنه مقصور فقط على مرضى الفشل الكبدى، ولا يمتد إلى أمراض الكبد المتكافئة، ففى حالة الإصابة بفيروس (سى) على سبيل المثال يستطيع المريض أن يتناول ما شاء من الأطعمة، إذا كانت حالة الكبد متكافئة وحالته العامة مستقرة ولا يعانى غيبوبة كبدية متكررة أو إستسقاء فى البطن.
من المهم التأكد من شراء الفسيخ من مصادر آمنة ونظيفة وأن تكون عمليات التمليح قد تمت فى براميل خشبية وليس فى صفائح مغلقة، حتى لا تتوافر البيئة اللاهوائية والتى تساعد على تكاثر ميكروب الكولستريديوم الذى يؤدي للتلوث الغذائى لطعام الانسان. أما بالنسبة لعملية تصنيع الفسيخ، فعادة ما يتم عمل التفسيخ أولاً لأسماك البورى لمدة 2-3 أيام. ثم توضع الأسماك فى براميل خشبية أو صفائح مغلقة، وهنا يجب أن تغمر الأسماك تماماً في الملح مع عدم ترك أى فراغ يمكن أن يساعد على نمو الفطريات وحدوث التعفن للأسماك. ويلاحظ أن الملح يقوم بسحب السوائل من الأسماك فى بداية عملية التمليح ومن ثم يتكون محلول ملحى يغمر الأسماك ويساعد على تمليحها. حيث أن إستخدام الصفائح فى هذه العملية يكون أكاسيد الحديد السامة. وعلى النقيض عند إستخدام البراميل الخشبية لا يحدث الصدأ. المشكلة الأخرى أن المنتجين يستخدمون المحلول الملحي الموجود بالبراميل للتخليل مرة أخرى وهذا قد يساعد على التعفن، لأن المحلول القديم يحتوى على دهون من الأسماك السابقة تساعد فى هذه العملية.
ولنتعرف على المواصفات الجيدة للأسماك المالحة، ففي الفسيخ الجيد تكون السمكة غير منتفخة ولا تنبعث منها رائحة تعفن وغير مهترئة ولا توجد عليها بقع أو بروز الأحشاء من فتحة الشرج وليس بها جفاف نتيجة لزيادة الملوحة و لونها وردي ولا تنبعث منها رائحة غير طبيعية. أما الرنجة الجيدة فلونها ذهبى وغير مهترئة وغير منتفخة ولحمها غير متقطع، بل متماسكة وتفضل التي بها بطارخ كبيرة. أما الملوحة فتكون الأسماك متماسكة وليس بها أى تهرؤ ولونها وردي وغير منتفخة وليس لها رائحة غير طبيعية.