الشائعات وسيلة قتل

كلمة العدد
طبوغرافي

بقلم/ أحمد الجعبري

الشائعة دائما هي أرخص الوسائل التي يلجأ إليها أي إنسان غير سوي يريد تزييف صورة مشرقة لشيء جميل أو تشويه شخص ونعته بالباطل أو ربما تكون أداة ومبررا لأهل الشر لخلق ستار أخلاقي أو مظلة تأييد لأفعال وحشية بربرية لا تخرج عن كونها أفعال بطش ونهب وقتل كما رأينا من قبل حينما أُطلقت الشائعات حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وكانت الغاية احتلال دولة مسالمة لنهب خيراتها، وكما نرى اليوم أيضا في كثير من الدول العربية وفي أرضنا بسيناء الحبيبة من إطلاق أكاذيب من جماعات إرهابية بأن الهدف إقامة خلافة إسلامية في الأرض وهم ليسوا إلا أعداء لله ولدينه وللإنسانية كلها..
والشائعات تقوم بأساسهاعلى سيكلوجية الكراهية فمن يكره شخصا ما يلجأ إلى اتهامه دائما بالباطل لتشويهه واتخاذ ذريعة للاعتداء عليه أو التحقير من شأنه ونجاحه، وهي أيضا لا تخرج إلا من أصحاب النفسيات المريضة التي تريد أن يكون كل الناس مثلها في الفشل فنجدها تكره الناجحين وتتمنى أن تفشل مثلها وفيها قول الله تعالى " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً "
الشائعات هي إحدى أدوات الحروب الباردة والاستنزافية التي تستعملها الدول لتخريب غيرها لأنها تتناول معنويات أفراد المجتمع الواحد، وتزرع بينهم روح الكراهية والعدوان والتخوين وتضعف فيهم روح التعاون والحب.. ولعل أسوأ ما فيها أنها تستعمل أبناء المجتمع نفسه في نشرها، فالشائعة في حقيقتها أداة قتل يقتل الإنسان بها نفسه..
ولهذا حرم القرآن الكريم الشائعات وتوعد الله من يتناولها، لما تحمله بين طياتها من تفتيت وهدم وإخلال بالأمن والاستقرار ونشر الفتن والإضرار بالآخرين، فنجد قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:58].
وسمى القرآن الكريم من يقوم بنقل الشائعات وهذه الأفعال بـ"المرجف" أي المضطرب، وتوعده في أكثر من موضع مثل: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً).
فلنحذر الشائعات ونعرف أنها جريمة ترتقي إلى الخيانة في حق الأهل والوطن، ومن يساعد على نشرها مذموم من الله ومن أهله وهي فعل لا يليق بالمسلم.. وغنما الواجب حينما يسمع أحدنا خبرا ما أو يقرأه أن يتثبت منه ويسعى إلى أن يعرف صدقه من كذبه قبل أن ينقله أو يتشدق به حتى لا يكون أداة لتخريب بلده، ودائما ما نتذكر حديث رسولنا الكريم " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب "