صلة الأرحام فى الشهر الفضيل.. بركة فى الرزق والعمر

ملفات
طبوغرافي

علماء : رعاية الآباء والأمهات ليست وقفا على رمضان

يحذرون من تراجع هذه الفريضة.. المدن  تحولت لجزر معزولة لا يعرف أبناؤها أي شيء عن أصولهم

 

أكد علماء الأزهر أنه على المسلم أن يتواصل مع الأهل والأقارب، لأن صلة الأرحام من أعظم الطاعات، فهى تزيد الرزق وتطيل العمر، وعلى الإنسان أن يبدأ بالأقرب فالأقرب، وكذلك عليه أن يبدأ بمودة الفقراء والمرضى من الأقارب، لأن هؤلاء هم الأولى بالرعاية .


قال الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن المسلم فى شهر رمضان عليه أن يسعى لصلة الأرحام ورعاية الأيتام، والعطف على الضعفاء والمرضى والمحتاجين، لأن صلة الأرحام تزيد الرزق وتطيل العمر كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف زمن أراد أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أجله فليصل رحمه ز، وهذا الحديث الشريف يحمل الكثير من المعانى التى تدل على فضل صلة الأرحام، فهى تزيد الرزق وتطيل العمر، والحديث يحث على صلة الأرحام والتواصل مع الأهل والأقارب فى رمضان وغيره من الأشهر، لأن العبادة والتقرب إلى الله فى جميع الأوقات، وليست فى رمضان فقط، وعلى المسلم أن يبدأ أولا بالفقراء والضعفاء من الأقارب، لأن هؤلاء هم الأولى بالرعاية والعناية، كما أن هؤلاء هم الذين يحتاجون إلى المال والعطف والمساعدة، ومن المعروف أنه من بر الوالدين أن يبر الإنسان أقارب الأب والأم، ودائرة العطف والمساعدة تشمل الأقارب من ناحية الأب والأم، وكل خير يفعله الإنسان، سوف يحصل على الجزاء من الله عز وجل .


ويؤكد أن الدين الإسلامي اوجب صلة الرحم علي كل مسلم واعلي من مكانة واصلي الأرحام عند الخالق فقد وصفهم الرحمن بأنهم أولو الألباب وأصحاب العقول المدركة كما وضعهم بين من يوفون بعهد الله ولا ينقضون ميثاقه .


ويقول الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق: من يصل رحمه له ثمرات عديدة في الدنيا والآخرة فأما التي في الدنيا فهي أن يبسط الله في رزقه ويبارك عمره حيث تحل البركة في وقته وجهده وعمله وما يكسبه من أموال بسبب التوفيق إلي الطاعة فيحبه الله ويحبه أهله ويبقي بعده الذرية الصالحة الذين يدعون لأبيهم بعد موته.

ويشير إلي أن تلك الزيادة في العمر التي وردت بالحديث الشريف تعني البركة في العمر والرزق والعمل فما يمكن أن يتحقق في ساعتين قد يتحقق في ساعة ويفتح له أبواب الرزق فمن أهم أسباب الرزق صلة الرحم وبر الوالدين فإن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ومن أسباب الرزق تقوي الله عز وجل قال تعالي: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب سورة الطلاق، وتحضنا الشريعة الإسلامية دائما علي صلة الرحم مع الآباء والأقارب وحتي الجيران وذلك بالسؤال عليهم وقضاء الكثير من الوقت معهم ومحاولة قضاء حاجتهم فقد جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يحمل أمه علي ظهره إلي الكعبة وقد ناله الضعف والهزال وسأله ليطمئن بأنه أعطي لأمه حقها إلا أن الرسول صلي الله عليه وسلم أكد انه مهما يفعل فلن يستطيع الوفاء بحقها مشيرا إلي ضرورة ان نعلم مدي أهمية صلة الرحم ونطبق تلك المفاهيم في الدراسة في المراحل التعليمية المختلفة.


وعلي كل زوج أن يتقي الله فليس من الفضل أو العشرة بالمعروف أن يستغل الرجل قوامته في أن يقطع صلة زوجته بأرحامها لأن في هذه الصلة من البر والإحسان بالوالدين وهي مأمورة ببرهما والإحسان إليهما في حالة الصحة أو المرض لذا يكره أن يفعل الرجل ذلك ويحذر الدكتور احمد عمر هاشم من تراجع صلة الرحم ويطالب بتربية الأبناء في منزل به قدوة تؤكد أهمية صلة الرحم خاصة بعد أن تحولت المدن إلي جزر معزولة لا يعرف أبناؤها أي شيء عن أصولهم.


الشهر الكريم.. هو شهر الطاعات والتقرب إلى الله تعالى. والحسنة تضاعف فيه لضعف حسنة والشياطين تصفد به، وتهل روحانيات الشهر المبارك لتضفي البركة والخير للمسلم في وقته وعمله وطاعته، ولكننا ابتعدنا كثيرا عن الهدف الأسمى من الشهر الكريم، فتحول إلى شهر المأكولات وموائد الطعام والزيارات العائلية والهدايا، وهذا ما يضيف عبئا ماليا كبيرا على الكثير من الأسر مما يوجب مراعاة الترشيد والاقتصاد حتى لا يزيد الأمر عن حجمه.


سعدية السيد- ربة منزل- تقول: للأسف الشديد هناك الكثير من التقاليد التي اكتسبناها من الأهل مثل ضرورة وجود أكثر من نوع من الطعام على المائدة وتكون بكميات كبيرة لا داعي لها، ويفيض معظمها وللأسف الشديد يلقى بالقمامة.


هاجر نصر، معلمة ابتدائي تضيف شهر رمضان هو شهر البركة والفضل ولكن للأسف من أكبر الأشياء التي تضيع علينا البهجة به هي قضاء معظم الوقت في تحضير الوجبات والحلويات والمشروبات في كل البيوت مما يكلفنا الكثير والكثير في ظل وضع مادي صعب عند الكثير وحالة اقتصادية سيئة ولكني الحمد لله تعالى لا أكلف نفسي غير قدرها وما أحتاجه انا وأولادي وأسرتي فقط.


من جانبه يعلق الاقتصادي د/ رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الاستهلاك في رمضان يزيد عن أي شيء، وأن فاتورة عام 2016 تخطت حوالي46 مليار جنيه تم صرفها فقط على المواد الغذائية، وخاصة أن الأسر المصرية توجه ما يقارب من 60% إلي70% من دخلها للغذاء فقط غير أن هذا الشهر الكريم تكثر فيه العزومات العائلية والأسرية والتي يقدم فيها الكثير من الطعام الزائد بصورة كبيرة عن الاحتياج والذي ينتهي بالنهاية إلى صندوق القمامة.


ومن جانبه يرى فضيلة الشيخ جمال توفيق من علماء الأزهر الشريف أن التبذير والإسراف من أشد الذنوب والآثام التي ذمها الله في كتابه العزيز ونهانا عنها نهيًا مباشرًا صريحًا: التبذير والإسراف، لما يسببانه من عدم تقدير واحترام لنِعَم الله وإهدارها هباء ودون جدوى، وإنفاق المال في غير طاعة وفيما يخالف الشريعة الإسلامية.. قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَ‌بُوا وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ} [الأعراف: 31]. وقال أيضًا: {كُلُوا مِن ثَمَرِ‌هِ إِذَا أَثْمَرَ‌ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ} [الأنعام:141]. وقال جل شأنه محذرًا المسلمين من التبذير:{وَآتِ ذَا الْقُرْ‌بَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ﴿٢٦﴾ إِنَّ الْمُبَذِّرِ‌ينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَ‌بِّهِ كَفُورً‌ا}[الإسراء: 26-27].


وأنه يجب أن نعرف ونفهم جيدًا المراد من صيام رمضان، وهو تطهير للنفس والمال والمجتمع، كما أنه عبادة صحيحة وتدريب على الصبر والجهاد والتضحية والمشقة، وليس رمضان شهرًا لإقامة الولائم والحفلات والتنافس في الملذات والترفيهات.


ويوضح الأستاذ الدكتور عطية مصطفى أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه حان الوقت نقدم للمجتمع دروسا في التربية والتوعية الاستهلاكية التي تقتضي عدم ملء المعدة بالطعام وترك ثلث للشراب وثلث للنفس،وكذلك دروس في حسن إدارة الطعام، مثل التخطيط في شراء المستلزمات الغذائية، وتقدير الكميات المناسبة عند إعداد الأطعمة سواء للأسرة أو للضيوف، وكذلك كيفية تجنب الإهدار في بواقي الطعام، ومن دون إلقائها كمخلفات في صناديق القمامة، وذلك من خلال كيفية المحافظة عليها بصورة جيدة وتخزينها في الثلاجة لاستغلالها، وتجميع الأطعمة الجيدة السليمة لا الفضلات، في أكياس وعلب بلاستيكية وإعادة تغليفها لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، والتدوير الجيد لفضلات ومخلفات الأطعمة.

ولن يتأتى كل هذا إلا من خلال برامج تربوية وحملات إعلامية جادة وفعالة، تركز على المعاني السامية الكثيرة لشهر رمضان، وتقضي على التصرفات والسلوكيات غير العقلانية المبالغ فيها في الشراء والإنفاق من قبل كثير من الأفراد، واستثمار الأموال في مشاريع خيرية تنهض بالفقراء والمحتاجين وتسهم في القضاء على الجوع وتعضد وتقوي التكافل والتضامن والتماسك الاجتماعي وحل مشكلات المجتمع، حتى تصبح الأمة بحق مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى -الحديث الشريف.