«موت الفجأة».. لماذا استعاذ النبي منه؟

تحقيقات
طبوغرافي

تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الموت المفاجئ، والتي ربط البعض بينها وبين علامات قيام الساعة، ونتناول حديث الرسول الذي ورد في كتاب شرح صحيح البخاري ومسلم، بشأنه.


والموت المفاجئ علامةٌ أشار إليها النبي، صل الله عليه وسلم، وبيّنها ووضّحها تمام الوضوح، عن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي قال: "إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة)، كما رواه الطبراني والألباني


وظهرت أعراض ومشاكل القلب الصحية بصورة كبيرة بين الكثير من الناس، وأصبحت لا تفرق بين كبير وصغير، ووضعت منظمة الصحة العالمية مرض السكتة القلبية في المركز الأول لأسباب حدوث الوفيات حول العالم، بنسبة مرتفعة بين الأمراض وصلت إلى 14% من إجمالي الوفيات في العالم طبقاً لأحدث تقرير، بل توقعت منظمة الصحة أن مرض السكتة القلبية سيستمر في احتلاله المركز الأول في الوفيات على مستوى العالم حتى حلول عام 2030.


في هذا السياق تصدر هاشتاج " عمرو سمير" وموت الفجأة" موقع التواصل الاجتماعي تويتر، والذي توفي عن عمر يناهز 33 سنة، مما أصاب رواد مواقع التواصل الاجتماعى بالصدمة، بعد رحيله بشكل مفاجئ جراء أزمة قلبية حادة أصابته وهو فى إسبانيا.


تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لوفاة قارئ إندونيسي شهير يدعى الشيخ جعفر عبدالرحمن، على الهواء مباشرة، أثناء قراءته القرآن على المنصة خلال حفل رسمي، بحضور وزيرة الشئون الاجتماعية الإندونيسية.


وأظهر مقطع فيديو الشيخ جعفر، الذي يعد من أشهر المقرئين في إندونيسيا، وهو يتلو آيات من سورة الملك، إلا أنه انحنى فجأة، وبدأ صوته ينخفض ولم يستطع إكمال التلاوة.


من جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استعاذ من موت الفجأة ووردت عدة أحاديث نبوية تدل على ذلك، مستشهداً بحديث ورد عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْفَاجِرِ».


وأضاف الجندي، أن السبب فى استعاذة النبى من موت الفجأة هو أن الإنسان لا يستطيع عند موت الفجأة أن يتوب من فعل المعاصى والذنوب التى كان يفعلها فى دنياه، أو أن يقضى ما عليه من حقوق فى رقبته للعباد أو لله تعالى، أو الاستزادة من فعل الخيرات والأعمال الصالحة، مشيراً إلى أنه بعض العلماء قد ضعفوا الأحاديث التى تدل على استعاذة النبى من موت الفجأة.


وبدوره، أكد الدكتور محمد الحفناوي أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر، أن النبى –صلى الله عليه وسلم- استعاذ من موت الفجأة وقد ورد ذلك فى السنة النبوية، مستشهداً بحديث ورد عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ: «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْفَاجِرِ».


وأوضح الحفناوي ، أن الأسباب التى دعت سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الاستعاذة من موت الفجأة هى أن قلب الإنسان قد يكون فى حالة غفلة عن الله تعالى أو التفكير فى معصية فإذا مات فى هذه الحالة يكون قد مات على ذنب، مؤكداً أن العلماء قالوا: بأن الأصل أن يكون المسلم على استعداد تام للموت بأن يكون على طريق الله فى كل وقت، مشيراً إلى أن الصالحين والطائعين لايُخاف عليهم من موت الفجأة أما العصاة والمذنبون هم من يخاف عليهم من ذلك، مستشهداً بقوله تعالى : « مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ* فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ».


وأضاف أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر، أن بعض من العلماء حكموا على الأحاديث الورادة فى استعاذة النبى من موت الفجأة بالضعف ولكن ليس معنى ضعف السند أن معنى الحديث ليس بصحيح لأن تضعيف الإسناد لا يقدح فى صحة متن الحديث وخاصة إذا كان متفقاً مع مقاصد الشريعة وأحكامها، منوهاً أن أحاديث الاستعاذة من موت الفجأة تكون بمثابة جرس إنذار للغافلين عن طريق الله تعالى حتى يستقيموا.


ولفت أن توبة العبد لاتقبل عند سكرات الموت أو خروج الروح من الجسد أى -إذا بلغت الروح إلى الحلقوم-، مستشهداً بقوله تعالى: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ»، منوهاً أن من عاش على شىء مات عليه فمن عاش حياته على فعل الطاعات والعبادة لله يختم الله له بالخاتمة الحسنة حتى وإن فعل بعض الزلات والمعاصى دون قصد منه وفقه الله إلى التوبة قبل الموت.