قراءة في ديوان نار القافية للشاعر علي الشيمي

منوعات ...
طبوغرافي
رحلة في ديوان" نار القافية" ديوان "نار القافية" للشاعر علي الشيمي ( أدونيس المصري) الصادر حديثا عن مؤسسة يسطرون للطباعة والنشر والتوزيع يضمّ خمسين قصيدة ومقطوعة كلها من الشعر الفصيح وكلها قصائد عربية عمودية، ما عدا قصيدة " وباء" فهي من شعر التفعيلة على وزن بحر الرمل، ويبدو في قصائد هذا الديوان الحس الوطني الرفيع، وصورة المواطن المصري البسيط المعتز بنفسه وبتراث أمته وقوميته العربية والإسلامية، ويبدأ الديوان بالإهداء حيث يتضمن إهداءً إلى الذين حمّلوه أمانةَ الكلمة وإلى وطنه ووالديه وعائلته وأساتذته.
وكل أخوته في الإنسانية الذين لا يجدون من يعبر عن آلامهم، وهنا يظهر الملمح الإنساني بوضوح عند شاعرنا، ثم يبدأ ديوانه بمقطوعة بعنوان "دستوري" يعلن فيها مبدأه الذي يؤمن به في الحياة، فهو لا ينتمي إلا إلى وطنه وكلماته، ولا يعنيه الفقر ولا الغنى، فهو قانع وراض عن ذاته وعن الله تمام الرضا، حيث يقول في آخر هذه المقطوعة: أنا لا يزعزعني الكلام وإنما متماسك كدفاتري ودواتي ثم قصيدة " تعالَ راقصني" ويأخذنا معها في رحلة ترويحية في قصيدة رومانسية عصرية، ثم يحنُّ في قصيدته "وجلستُ بين قرونها" إلى الفلاح المصري البسيط الذي يعيش بداخله، فهو يفتخر بأصوله ونشأته الريفيه، ولا يتنصل منها أو يتنكر لها، ثم تأتي قصيدته" خبّأتُ تحت أظافري أشعاري" ليعلن لنا فيها عن شاعريته وإنسانيته التي تظهر في تعاطفه مع المشردين والضعفاء والمساكين فيقول في آخرها: فأبيات شعري للمشرد ملجأ وسياجه من أصلب الأحجار ويظهر عشقه لتراث أمته في رائعته الذي يخشى ضياعه فيقول في قصيدته " عاشق التراث": ميراثُ أمتنا عظيم هل ترَى أمما سوانا ضيعوا الميراثا ثم لا ينسى المرأة فيقول في قصيدته" هي قوةٌ في ضعفها": هي قوة في ضعفها منصورةٌ في رأيها مسئولةٌ عن أسرتي ثم يعود مرة أخرى ليعلن عن شاعريته التي تأبى الانكسار، وترفض الرضوخ وتتمرد بكل كيانها؛ لترى النور فيقول في قصيدته" إنّي وأدتُ بمقلتي عبَراتي": سأظل محتفظا بحق حياتي متلألئ الأضواء في الظلمات ويدعو في نهايتها للمرح بقوله: افرح فلن تبقى الحياةُ شقيّةً ما دمتَ تتقن هذه الكلماتِ ثم ينتصر لبلاده بقوله في قصيدته " سيف العروبة": أكتوبر الأولى نكرر نصرها وعدوّنا الرعديدُ يعرف آخرَهْ ثم تأتي قصيدته "المنع كسّر أضلعي" وقصيدته " روجُكِ أحمر" ويبدو فيها ملامح شخصية هذا الشاعر الرومانسي الذي يعيش في مجتمعه بكل حالاته إذ يقول: فأنا الدراما والمشاهد كلها والله لن تتوقعي أدواري ولا ينسى وطنه أبدا في شعره فهو قطعة من قلبه، ويستغل كل ظرف؛ ليظهر حبه الحقيقي لمصر، ويقدم شعره خادما لقضاياها، فها هو يستغل عودة العمال المصريين المختطفين في ليبيا سالمين بفضل جهود الدولة ونجاح الدبلوماسية المصرية الحكيمة، وسياسة النفس الطويل فقال محتفلا بعودتهم في قصيدته " بنو مصر الأعزة في كرامة": بحرف واحد عادوا إلينا وقد أبدى الرئيس لهم كلامَهْ
بأي طريقةٍ هاتوا بَنِينا فإني لستُ أمزحُ بالزعامَهْ
أما عن مشاعره الدينية، فينحو فيها منحى مختلف حيث يمدح سيدنا رسول الله على بحر المنسرح في قصيدته " منسرحة محمدية" يشكو لسيدنا أبي القاسم ما وصل إليه حال الأمة، وما يحدث لها فيقول مادحا: وزنٌ الخليل الحبيب في فرح للمجد يرنو البسيط والرملُ
لكنني في رضاك منسرحٌ يا سُكّرا في حديثك العسلُ
ثم تأتي قصيدة "نار القافية" والتي سمي الديوان باسمها حيث عنفوان القافية، وقسوتها المتناهية وتعاليها فهي بعيدة المنال، لا تمنح رضاها إلا لمن حُرم الرقاد، وأتقن مصاحبة المداد، وسار سابحا مكتحلا بالرماد، فللقصيدة طقوس روحية خاصة وفي ذلك يقول: يا طقسَ قافلتي خالفتُ قافلتِي عقرتُ راحلتِي أتيتُ جوعانا
لا البحر أطعمني كلا ولا " فَعِلُنْ" جاءت لتسعفَني والموجُ أضنانا
ثم يتجه " إلى ناقدة" قائلا: أهديتها ديوان شعر كله رقص وموسيقى مع القبلات ثم يعود للوحدة في " أسافر بين حنايا الضلوع" قائلا: ووحدي سأقرأ بين السطورْ ونار القصيدة عند الحضورْ
أسافر بين حنايا الضلوع وأبني جسورا بذات الصدورْ ثم قصيدته" لله الغضبة لله"، ثم يدرك فلسفة الحياة في مقطوعته " لأنك لا تريد ولا تراد" قائلا: وراءك لن يكون سوى فراغٍ فلا ذكرى تدومُ ولا حدادُ
سيُنهِي بعدك التاريخ فصلًا رماديًّا يصوّرهُ المِدادُ ثم يعود في قصيدته وهو ظهر الديوان بقوله" أغرد فيكِ منفردا"، ثم يعاتب أحد أصدقائه عتاب مودة قائلا في مقطوعته" لكنْ قطعتُ حبائلي": أجهضتَ حمل محبتي ووأدتَ كلّ فضائلي ثم " قصيدة بلا داع" ويقول مخاطبا الشاعر أحمد غراب قائلا في " أحبك فوق ما ترجو العيالا": لقد بلغ القريض اليوم مجدا فقد عبر "الغراب" به الكمالا
غصون التوت تعشق ضفّتيهِ يميلُ التوتُ حيث هواهُ مالا ثم يضع ضوابط ومعايير لنفسه مع خصومه الذين يُكِن لهم كل احترام وتقدير فيقول في " شرف الخصومة": شرف الخصومة أن تظلّ كريما حتى وإن كان الخصيم لئيما
كم من صراعات يراقُ دماؤها ما دام شيطان الخصام نديما ثم يتحدث عن كورونا هذه الجائحة التي أسكتت ضجيج العالم، وفرضت شروط الحركة، وضوابط التباعد الاجتماعي في مرحلة من أقسى المراحل الوبائية التي مرت على العالمين فيقول في " وباء": جاءكمْ هذا الوباءْ عبر دربٍ في الهواءْ يسلبُ الدنيا الغناءْ يشتهي طعمَ الدماءْ فاستفيقوا.. لا ضجيجَ اليومَ إلا أن تقولوا ألفَ آهٍ ..ثم آهٍ... ثم آهْ...
ثم تأتي قصيدته " هجّامة" التي أحكم نسجها على غرار القصائد الكبار، ثم يتحدث عن أثر الكرونا عليه وعلى وطنه ويبدو ذلك في قصيدته "أنا في البيت" منذ عاصفة التنين وحتى الآن ثم " جنون الهجاء"، ويرفع سلاحه في وجه الإرهابيين بقصيدته " صوت البيادة"، ثم يتذكر الحياة الآخرة فيكتب" أجب قد جاء
 
 
ولا ينسى أبدا اللجوء إلى الله فتأتي قصيدته " متطرف أنا في هواك وعنصري"، ولا ينسى ما يحدث في النوم من أضغاث ورؤى وكوابيس فتأتي قصيدته" كابوس" ثم ينتقل لقضايا أمته في" قدسُنا و روحنا" ويحن للحقول في" وكانتْ لنا حقول"، وكان لأسرته نصيب لاسيما ولديه خالد وطارق " حياتي لها مذاق" و ثم " للدّائنينَ حقوقٌ" ثم " لن أترك البحر رهوا" ثم العودة للريف ودور المرأة الريفية العظيمة في " نساء رجالنا في الحقل أبطال" و " براءة" و "عذاب لا ممات له" و " أوهام لا أحلام" و " وتختلف الرؤى" و" أنا والسمينة" و " ما ضل قلبي عن هواك وما غوى" و" أحبك يا بسمة حانية" و "وسلّم للهوى أمرَهْ" و " نزيفٌ مُرٌّ" و " التغريد السجين" و " صرخة أخ"...
 
 

 
 
 
 
الشعر علي الشيمي أدونيس المصري
شارك المقالة