فحوصات المناعة.. قفزة مهمّة في «حرب كورونا»

صحة وجمال
طبوغرافي

في ظل عدم التوصّل لعلاج خاص لمرض «كورونا»، مع تأكيد جهات مخبرية ودوائية عديدة بأن إعداد لقاح قد يأخذ وقتاً طويلاً، يركز العلماء في الكثير من دول العالم على آلية الكشف عن الأجسام المناعية في عينة الدم لتحديد إن كان الشخص أصيب بالفيروس، وإن كان بالتالي تَحصّل على بعض المناعة ضده.

وتكشف فحوصات الأجسام المضادة، المعروفة أيضاً باختبارات علم الأمصال، من أصيب بالعدوى على الرغم من أنه لم يتضح بعد إن كان وجود الأجسام المضادة للفيروس يمنح مناعة دائمة.

حتى الآن، ظل مسؤولون صحيون يقولون إن مثل هذه الفحوص ليست موثوقة أو فعالة بما فيه الكفاية، لكن تطوراً حصل بهذا الاتجاه. وقال البروفيسور جون نيوتن، المنسق الوطني لبرنامج فحوصات «كورونا» في بريطانيا إن «مثل هذا الفحص بالغ الدقة للأجسام المناعية يقدم إشارة موثوقة عن وجود إصابة سابقة». وأضاف أنه قد يؤشر إلى وجود بعض المناعة ضد إصابة مستقبلية، على الرغم من أن مدى هذه المناعة الذي يدل عليه وجود هذه الأجسام المناعية يظل غير واضح.

وسبق لأجهزة الرقابة الطبية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن أجازت استخدام هذا الفحص. وأجاز مسؤولون صحّيون بريطانيون استخدامه للكشف عن الأشخاص الذين تعرضوا لإصابة بفيروس «كورونا» سابقاً، عبر تحديد الأجسام المناعية في دمائهم. وقالت هيئة الصحة العامة في إنجلترا إن فحص الأجسام المناعية، الذي طورته شركة روش السويسرية للصناعات الدوائية، مَثّل «تطوراً إيجابياً جداً». ووصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون موافقة بريطانيا على إجراء هذا الفحص بأنه «إنجاز مهم».

نتائج جدية

وكانت تقارير أفادت أن الحكومة البريطانية صرفت نحو 16 مليون جنيه استرليني لشراء مواد فحوصات الأجسام المناعية، أُثبت لاحقاً أنها غير فعالة. وقالت مصادر لـقناة «بي بي سي» أن فحص الأجسام المناعية المنتج من شركة روش كان أول فحص يقدم إمكانية إعطاء نتائج جدية. بيد أن مراسل القناة للشؤون الطبية، فَرغاس والش، قال إنه ليس واضحاً حتى الآن ما هو حجم الوقاية التي يمكن يقدمها وجود الأجسام المناعية ضد إصابة مستقبلية بفيروس «كورونا» وكم ستدوم مثل هذه المناعة.

وقالت هيئة الصحة العامة البريطانية إن خبراء في منشأة «بورتن داون» الطبية الحكومية قد قيموا فحص روش للأجسام المناعية الأسبوع الماضي، ووجدوا أنه دقيق للغاية. وقال وزير الدولة للشؤون الصحية والرعاية الاجتماعية، أدوارد أرغار، إن هذه الفحوص ستستخدم بشكل أولي في هيئة الصحة الوطنية والرعاية الاجتماعية، للبدء في تطبيقها.

واعتبر المنسق الوطني لبرنامج كشف فيروس «كورونا» في بريطانيا جون نيوتن أن هذا التطور «إيجابي جداً». وأشار في تصريحات لصحيفة «ذي تلغراف» إلى أن هذا الاختيار«قد يؤشر إلى وجود نوع من المناعة بوجه أي إصابة مستقبلية». لكنه لفت في الوقت عينه إلى أن «مدى القدرة على اعتبار وجود أجسام مضادة دليلاً على الحصانة المناعية لا يزال غامضاً».

  • أسئلة وأجوبة

الغرض الأساسي لاستخدام فحص الأجسام المناعية هو لتحديد عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى. وتمثل الإحصاءات الرسمية جزءاً من العدد الكلي، فليس جميع الأشخاص قد أجريت لهم فحوص، كما أن بعض الأشخاص قد يصابون بالفيروس من دون ظهور أي أعراض عليهم.

لذلك تمثل فحوصات الأجسام المناعية جواباً على أسئلة مثل: إلى أي مدى انتشر الفيروس ومدى سهولة تفشيه، والأهم، من ذلك، كم هو مميت فعلياً للأشخاص الذين يصابون به. أما الاستخدام الثاني لمثل هذه الفحوص، وهو المساعدة في اتخاذ قرار رفع الإغلاق العام، فيبدو خلافياً بشكل كبير.غير أن مسألة المناعة ضد الفيروس تثير جدلاً إذ إن منظمة الصحة العالمية اعتبرت نهاية الشهر الفائت أن لا دليل على أن الأشخاص الذين يشفون من إصابتهم بالفيروس يصبحون محصنين ضده.

في ما يخص الفحوص، أعلنت موسكو، البؤرة الأولى للوباء، أنها ستطلق حملة فحص مكثف في محاولة لتحديد المستوى الحقيقي للعدوى ووجود الأجسام المضادة للفيروس في أجساد المواطنين. ونقل مركز مكافحة الفيروس في موسكو عن مساعدته أناستازيا راكوفا أن الحملة تهدف إلى رصد وجود الأجسام المضادة لدى السكان، وهو أمر محوري في دراسة فرضية «المناعة الجماعية».

وقال رئيس بلدية العاصمة سيرغي سوبيانين في تصريح تلفزيوني، إنه سيتم اعتباراً من الجمعة اختيار 70 ألف شخص بشكل عشوائي كلّ ثلاثة أيام لإجراء فحوص لهم، في دراسة «فريدة في العالم». وسيتم لاحقاً تقديم النتائج إلى الذين خضعوا للفحوصات مع توصيات لهم من الأطباء، كما ستنشر النتائج العامة ويتم أخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرار إنهاء الحجر وبقية القيود السارية في موسكو حتى 31 مايو.