الربح الحقيقي هو ربح يوم القيامة

علمتني الحياة
طبوغرافي

 

 الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

يقول الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران: 185].


والفائزون عرفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين صبروا وأطاعوا الله ورسوله، ويخشون الله ويتقوه، وهم أصحاب الجنة كما قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سورة التوبة : 20].


{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ } [سورة المؤمنون : 111].


{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سورة النور : 52].
{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سورة الحشر :20].


فجزاء تقوى الله هو هذا الفوز: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} [سورة النبأ : 31 ].


{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة الزمر : 61].


وقرن الله الفوز المبين برحمته فمن أدخله الله في رحمته أو رحمه فاز فوزاً مبيناً كما قال تعالى: {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} [سورة الأنعام : 15-16].


{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} [سورة الجاثية : 30 ].


أما الفوز الكبير فسماه الله تعالى للذين آمنوا وعملوا الصالحات، أي: يجب أن يقرن الإيمان بالعمل الصالح ليتحقق الفوز الكبير له، وهو بالتأكيد أعلى درجة من الفوز العادي أو الفوز المبين الذي يحتاج صاحبه لمن يزحزحه عن النار أو لرحمة ربه حتى يدخل الجنة وقال تعالى يبين أصحاب الفوز الكبير : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [سورة البروج : 11 ].


وأما أصحاب الفوز العظيم، فقد ذكر الله صفاتهم بأنهم المتقون الذين يقولون قولاً سديداً، والطائعون له ولرسوله، والصادقون الراضون عن الله ورضي الله عنهم، المؤمنون والمؤمنات والرسول والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم، وحدد السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، والذين يقتلون أثناء قتالهم في سبيل الله، وكذلك المخلصون، والتائبون الذين تستغفر لهم الملائكة حملة العرش، والذين يكفر الله عنهم سيئاتهم بعد إيمانهم وعملهم الصالح، كلهم عينهم الله تعالى وصنفهم من أصحاب الفوز.


وجزاء الفوز الكبير جنات تجري من تحتها الأنهار، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [سورة البروج : 11 ].


أما أصحاب الفوز العظيم فجزاؤهم ذكر في الآيات السابقة الذكر بأن لهم البشرى في الدنيا والآخرة، وهم في مقام أمين في جنات وعيون، يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين، ويزوجهم الله بالحور العين، ولهم كل فاكهة آمنين، لا يذوقون الموت خالدين أبداً ووقاهم ربهم من عذاب الجحيم، وجناتهم تجري من تحتها الأنهار رضي الله عنهم ورضوا عنه، ولهم مساكن طيبة في جنات عدن، ولهم جنات النعيم على سرر ويطاف عليهم بكاس من معين بيضاء لذة للشاربين، لا فيها غولٌ، وعندهم قاصرات الطرف عين ويدخل معهم جنات عدن من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، ويقيهم ربهم السيئات ويرحمهم كما يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم .