من تكاسل عن الطاعة حرم لذتها

علمتني الحياة
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

لا تتكاسل عن طاعة الله وقم لها فرحًا، فلحظات الطاعة لذة لا يعرفها المقربون والمحبون، علمتني الحياة أن من أهمل الطاعة ضاعت منه لذتها فالله سبحانه وتعالى ينزل رحمته ونعمته على من يأتون إلى عبادته مسرعين، ويختصهم بفضل منه ورحمة.
في كل عبادة من عبادات الله لذة لا يدركها الملوك ولا العظماء اختص الله بها عباده المؤمنين.


فللإيمان لذة لا تعدلها لذة من لذائذ الدنيا الفانية؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)) فـالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما تذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم.


وللصلاة لذة عظيمة؛ وجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد جاء في الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حُبِّب إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجُعلَت قرة عيني في الصلاة)).


ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد لصلاته لذة وراحة؛ حيث كان يقول لبلال: ((قم يا بلال فأرحنا بالصلاة))، ولم يقل: أرحنا منها كما هو شأن بعضنا.


ووجدها عروة بن الزبير؛ فقد قُطعَت رجله وهو في الصلاة، ولم يشعر؛ فقد أنسته لذة الصلاة وحلاوتُها مرارة الألم.
وعن قراءة القرآن وتلاوته: قال عثمان بن عفان: ((لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله)).


قال ابن القيم: ((وكيف يشبع المحب من كلام من هو غاية مطلوبه)) إلى أن قال: ((فلمحبي القرآن من الوجد والذوق واللذة والحلاوة والسرور أضعاف ما لمحبي السماع الشيطاني))، وقال ابن رجب: ((لا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم فهو لذة قلوبهم، وغاية مطلوبهم)).


وللإنفاق في سبيل الله لذة عظيمة، وجد هذه اللـذة أبو طلحة - رضي الله عنه - ولما وجدها أنفق أعز ماله لديه في سبيل الله؛ كما في البخاري ومسلم.


ووجد هذه اللذة أبو الدحداح - رضي الله عنه - فجعل مزرعته كلها لله؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: ((يا رسول الله، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها فَأْمُره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطها إياه بنخلة في الجنة)) فأبى، فاتاه أبو الدحداح، فقال: بعني نخلتك بحائطي. ففعل، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي.


قال: فاجعلها له فقد أعطيتكها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة)) قالها مراراً.


قال: فأتى امرأته، فقال: يا أم الدحداح، أخرجي من الحائط، فإني قد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع أو كلمة تشبهها)).
وهذه اللذة تتفاوت من شخص لآخر حسب قوة الإيمان وضعفه: {مَنْ عَمِلَ صَالِـحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل: 97].


قال أحمد بن حرب: ((عبدتُ الله خمسين سنة فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء: تركت رضا الناس حتى قدرت أتكلم بالحق، وتركت صحبة الفاسقين حتى وجدت صحبة الصالحين، وتركت حلاوة الدنيا حتى وجدت حلاوة الأخرى)).