التنمية بالإيمان

تنمية بشرية
طبوغرافي

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)) "النور"
التنمية هي الزيادة والوفرة والمكتسبات التي تحصلها أمة من الأمم قررت أن تتصاعد علوا على سلم الريادة، والإيمان هو ذلك السلم الأخضر الشفيف الذي يغري بالتسلق صعودا نحو فلاحات الدنيا و الآخرة .

الإعلامى والمحاضر الدولى/
د. أحمد طقش


إن أمة مرهونة بالتميز كالأمة الإسلامية قدرها أن تكون في المقدمة، لكن ليس على حساب الشعوب، بل رغبة بخدمة وتطوير وتنوير بقية الشعوب، بعد الاستنارة بأنوار وحي السماء أعني القرآن العظيم وما صح من سنة المعصوم عليه الصلاة
و السلام . ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) "آل عمران110"، نحن أمة مخرجة لكل أبناء سيدنا آدم عليه السلام، نحمل رسالة رسولية بإعمار الأرض المادي بالمنجزات الحضارية العظيمة، والمعنوي بالخير و الحب و الجمال والإنسانية، كل منا مكلف بهداية الآخرين كل الآخرين نحو مزيد من الوعي الفكري والانفتاح الذهني و المرونة في التعاطي مع الآخر، كل منا يجب أن يسعى إلى إخراج الناس من ظلمات الظلم والجهل و المرض و الحسد والضغينة، إلى أنوار المعرفة والتواضع والحلم و الغفران و الكرم و الشهامة وتكريم الضعفاء .
من قرر أن يكون مؤمنا يجب أن يكون تنمويا، نشيطا، شجاعا، عادلا، مبادرا، مخلصا لربه، وفيا لوطنه ولمواطنيه .
لم يعد لا الزمان ولا المكان يحتملان البطيئ المتواكل الخامل الكسول، الإيمان محفز قوي جدا لإخراج الطاقات الذاتية الكامنة لإخراج الأمة بل الأمم المرهقة من الجهل و الفقر و المرض .
لقد آن أوان فهم الإيمان فهما إيجابيا، إيمانك بربك مرجل يغلي في صميم صميمك يدفعك نحو خدمة بلدك ( وكل الكرة الأرضية بلدك )، يقينك أن هناك يوم لا ريب فيه لتصفية الحسابات يجب أن يدفعك إلى المسارعة نحو الإنصاف وعدم هضم حقوق الآخرين و الأخريات، إن اكتفاءك بعدم السرقة وعدم الكذب وعدم الغش، هو دليل على عدم فهمك للإيمان الذي يأمرك بعد عدم السرقة و الكذب والغش، بالدعوة إلى الأمانة و الصدق و الإنصاف، ألم نتفق منذ البداية على أنك من أمة مخرجة ؟
إن مهمة إعمار الأرض تقع على عاتق كل الذين يظنون أنهم سيبعثون ليوم عظيم (( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ))) "المطففين 6"، كي يسأل كل واحد منهم : كم بطنا جائعا أطعمت ؟ كم عريانا كسوت؟ كم معسرا أقرضت ؟ كم مريضا عدت ؟ كم مكتئبا أفرحت ؟ كم جنازة شيعت ؟ كم مظلوما أنصفت ؟ كم قريبا زرت ؟ كم ضيفا أكرمت ؟ كم جزءا حفظت ؟
إن كل الذين يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، مكلفون بالعمل على تنمية مجتمعاتهم وبلدانهم التي يعيشون فيها ثم الانطلاق نحو الاقتداء بالمبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، وما هذه التأخرات الاقتصادية والتعليمية و الصحية إلا دلائل واضحة على أن فكرة الإيمان لم تنضج بعد في أذهان الكثيرين الواقفين حتى الآن على ضفاف الإيمان .
الإيمان قوة دافعة نحو الرغبة بالتنمية، والإعمار و التشجير و الإصلاح و التدفئة و التمريض و التعليم و التطوير وكفالة الأيتام و نصرة المقهورين .
الإيمان كعاطفة روحية وجدانية يبدو قاصرا إذا لم نضف له ( وعملوا الصالحات ) فلا يكون استخلافا ونصرة من الله جل جلاله، بالإيمان فقط، ولا يكون استخلاف ونصرة من الله جل جلاله، بعمل الصالحات فقط، الاستخلاف الكامل مرهون بإيمان كامل وصالحات كاملة، وهذا تماما ما أكرم الله به جيل الصحابة حيث كانوا (رهبان الليل) بالإيمان وفرسان النهار بالتنمية