أريد الاعتماد على نفسى وأهلى يمنعوننى.. ماذا أفعل؟

استشارات
طبوغرافي

بقلم : سمية رمضان
المستشار الأسري

أنا شاب تخرجت من سنتين ولا أجد فرصة عمل مناسبة ولكن كونى الابن الوحيد لأمى وأبى ولا يوجد معى إخوة آخرون، أعانى من مشكلة كبيرة جدا وهى الخوف الزائد عن الحد، وعندما قررت أن أعمل مشروع إنتاج داجني على أرضي التي اشتراها والدى لى فوجئت برفضه الشديد ويقول لى: "هات من فلوسك" وكذلك أمى.


وعندما أطالبهم بأن أدفع مبلغا من المال لإحدى الشركات كي أعمل فيها يخافون من الناس أصحاب النية السيئة بأنهم نصابون، وعندما أقول لهم: أريد أن أخطب بنت الحلال مع العلم أني عندي شقة والحمد لله وظروفي المادية أحسن من غيرى بكثير من الشباب فى الوقت الحالى، فالحمد لله أنا طموحى أن أصبح رجل أعمال وهم يثبطون عزيمتى بأن: لن تفلح ويخافون علي من الهواء الطائر.


وقد أصبح عمري الآن 23 سنة وأهلي يقفون في وجه كل طموح أحلم للوصول إليه، فما العمل معهم؟ فهم خائفون علي أن أبتعد عنهم ولو لساعة واحدة، مع أن كل ما أتمناه ليس حراما، بل أريد أن أكون مثل غيري من الشباب الذين يعتمدون على أنفسهم، فلا أعرف ماذا أفعل؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكرا لثقتك فى جريدة (الفتح اليوم)، ونرجو أن نكون جديرين بهذه الثقة الغالية، وأن يرزقنا الله التوفيق والسداد فى الرأى والمشورة..


ولنبدأ أخى الفاضل بحل المشكلة من كلامك أنت، فقد قلت فى رسالتك: (إننى شاب قد تخرجت من سنتين ولا أجد فرصة عمل مناسبة)، وتقول أيضا: وعندما أطالبهم بأن أدفع مبلغا من المال لإحدى الشركات كي أعمل فيها يخافون من الناس أصحاب النية السيئة بأنهم نصابين.


وهذا بالطبع يجعلنى أستنبط أنك ليس لديك خبرات ومهارات خاصة سوى الشهادة الجامعية التى حصلت عليها، وهى بالطبع ليست كافية للحصول على عملٍ متميز ومناسب، فلتبدأ أخى الفاضل بالحصول على دورات متخصصة، وهذا سيجعلك تتميز فى مجالك، ووقتها ستجد أن الشركات هي التى تسعى لتعمل فيها، لتميزك، فلا تتكاسل أخي، ولتبدأ من الآن.. فكثير من شبابنا – للأسف - يبحث عن الطريق السهل للعمل، ولا يريد أن يبذل المزيد من الجهد ليحقق نوعا من التميز، وبالطبع لا يتساوى من يجتهد ويجد ويتعب وينمى مهاراته وقدراته، ويطور من نفسه، مع المتكاسل الذى يبحث عن عمل روتينى يقضى فيه ساعات قليلة.


أخى الفاضل: ذكرت فى رسالتك أنك الابن الوحيد لأبويك.. وهذا جعلك تحظى بالاهتمام والحب من والدين محبين، وقد أحسنا إليك طويلا، فربياك وعلماك، والأكثر من ذلك أن والدك – بارك الله فيه - اشترى لك قطعة أرض، وهذا بالطبع يستدعى منك شكرهما وبرهما وليس اتهامهما بالتقصير وأنك لا تستطيع اتخاذ أي قرار فى حياتك، فأنت الآن أصبحت شابا مسئولا، أو من المفترض أن تكون مسئولًا، والمسئولية معناها أن تتحمل نتيجة قراراتك تحملا كاملا، فمثلا لو أردت أن تتزوج - مثلا - ، فمن الطبيعي أن تتزوج من عملك، وبأموالك أنت، لا بأموال أبيك، فجميل أن تكون لديك شقة، ولكن الأجمل أن تحصل على هذه الشقة من عملك وليس من أبيك، وكذلك يجب أن تملك القدرة على الإنفاق عليك وعلى زوجتك، أم تريد أن تأخذ بعد الزواج

مصروفك ومصروف زوجتك من والديك؟!
تقول أخى الفاضل فى رسالتك: قررت أن أعمل مشروع إنتاج داجنى على أرضى التى اشتراها والدى لى ففوجئت برفضه الشديد ويقول لى: "هات من فلوسك" وكذلك أمى.


أخى الفاضل.. أرجو ألا تغضب منى حينما أقول لك أنى أؤيد رأى أبويك بالكامل؛ لأنك فعلا ليس لديك أى خبرة فى هذا المشروع، فالخبرة شرط أساسي، وبخاصة فى المشاريع الخاصة، وربما فقدت فى هذا المشروع قطعة الأرض التى تملكها نفسها، كما أن مثل هذا المشروع يحتاج إلى بناء هذه الأرض بشكل معين، وشراء أجهزة لزوم هذا المشروع، وكذلك التفكير فى المراحل الإنتاجية المختلفة للمشروع، واحتياجات كل مرحلة إنتاجية، وكذلك طرق التسويق، وكذلك قياس نسبة المخاطرة والعلاقة بين المخاطرة والعائد على رأس المال المستثمر، وكذلك احتمالات النجاح والفشل، وقياس العلاقة بين التكلفة والعائد.. ولن تستطيع عمل هذه الدراسات دون أن يكون لك خبرة سابقة به.


وما أحزننى حقا أخى الفاضل فى رسالتك هذه العبارة عن والديك: "لا راضيين يرحموا ولا راضيين برحمه ربنا تنزل"..


يا إلهي.. ماهذا؟!
تقول هذا عن أبوين ربياك وعلماك ووقفا بجانبك وساعداك حتى حصلت على مؤهل جامعي، وكذلك وفرا لك قطعة أرض، وشقة، وكذلك ينفقان عليك حتى الآن لأنك لا تعمل، ثم تأتى وتصفهم بعدم الرحمة، والأكثر من ذلك أنهم يمنعون رحمة الله عنك.. أخى الفاضل.. أرجو ألا تعضب منى عندما أطلب منك ما طلبه رب العزة سبحانه وتعالى من كل مسلم: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}.


نعم أخى فهم أحق بالرحمة منك، لأنهم مصدر الرحمة لك، وكذلك هما سبب لرحمة رب العزة سبحانه وتعالى، فكما جاء فى الأثر: (اذا ماتت أم الرجل نادى مناد فى السماء: ماتت التى كنا نكرمك من أجلها).. فعليك ببرهما والإحسان إليهما، فأنت ابنهما الوحيد، وإذا كانا لا يريدان أن تبعد عنهما، فهذا من حقهما عليك، وعليك الآن رد الجميل، فهم يحتاجان إلى برك وإحسانك، وهذا ما يجعلهما يرفضان فكرة البعد عنهما، فأنت أغلى عندهما من نفسيهما، فحاول أخى الفاضل أن يكون مكان عملك قريبا منهما.


أخى الفاضل: ربما لن تستطيع فهم ما أقوله لك حتى تتزوج ويكون لك أبناء، ووقتها فقط ستعرف كيف يكون حب الأبناء..
أخى الفاضل مع تحفظى الشديد على والديك، لأنهما لم يربياك على تحمل المسئولية، وكذلك تدليلك الزائد حتى أصبحت لا تستطيع أن تستقل بشخصيتك عنهم، ولكنك الآن شاب مسئول وتستطيع أن تبدأ البداية الصحيحة لحياتك، ولكن بمالك أنت وبجهدك أنت وليس بمال والديك.. فلتبدأ من الآن..


والآن.. أوجه ندائى ورجائى لكل أب وأم.. ربُّوا أبناءكم على المسئولية، فهم صناع مستقبل أمتنا، وهم أمل الغد، ولن يستطيعوا تحمل تلك المسئولية دون أن يتدربوا على تحملها منذ نعومة أظفارهم، وكثيرا ما نجد طالبا جامعيا أو خريجا من الجامعة ويحتاج إلى فطام أسري، ولا يستطيع الاستقلال بشخصيته..


يا أيها الأباء.. أبناؤنا هم نواة بناء المجتمع وبصلاحهم صلاح المجتمع، فلا ننسى أن نؤهلهم لمواجهة مستقبلهم بثقة وفعالية، فيجب أن يكونوا فعالين فى مجتمعتهم، وأن يحصلوا منذ صغرهم على مجموعة من المهارات والحرف والأعمال والدورات التى تزيد من خبرتهم، وتجعلهم يتميزون ويتقدمون..