ماضى زوجتى يطاردني.. عليك النظر للمستقبل!

استشارات
طبوغرافي

بقلم: سمية رمضان
المستشار الأسري

 

أنا زوج وأب لثلاثة من الأبناء، أكبرهم فى الصف الثالث الابتدائي، متزوج منذ أكثر من عشرة سنوات، كنت أعيش خلالهم كل معانى السعادة والحب والتفاهم مع زوجتي، حتى كانت المفاجأة الصادمة لي، فقد اكتشفت أن زوجتى كانت مخطوبة لابن خالتها، وأنها كانت تحبه جدا ويحبها، ثم حدث خلاف عائلى ولم يكتمل الزواج، وبعدها بسنتين تقدمت لها، ولم أكن أعرف بخطبتها السابقة، وعندما تقدمت لها وافقت وبدأت أشعر لها بارتياح شديد، بل أصبحت أحب الناس إلي، وبعد الزواج زادت العاطفة يوما بعد يوم، وكانت تقول لى دائما: أنت أغلى هدية أهداها المولى لي، وكثيرا ما كانت تعبر عن حبها لي، وقد تركت عملها من أجل الاهتمام بى وبأولادي، والحمد لله أنا ميسور الحال، ولم ينغص حياتى كلها سوى شكى فيها بعد أن علمت بموضوع خطبتها السابق، أحيانا أفكر فى أن أفاتحها، وأسألها عن سبب إخفائها موضوع خطوبتها السابق من ابن خالتها، وأحيانا أسأل نفسي: هل ما زالت تحبه؟! أصبحت أثور لأتفه الأسباب وأتشاجر معها، وكثيرا ما تبكى وتسألني: ماذا فعلت لتعاملنى هكذا، وأنا الآن فى حيرة من أمري، ولا أدرى ماذا أفعل؟!

أهلا ومرحبا بك أخى الفاضل ضيفا عزيزا على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم، وأشكر لكِ –أخى الفاضل- ثقتك بنا، وأتمنى أن يكون ردى عليك سببا فى صلاح بيتك إن شاء الله.
أخى الفاضل، سعدت جدا فى بداية قراءتى للرسالة، لما استشعرته من معانى السعادة والحب والتفاهم بينك وبين زوجتك، والتى تفتقدها كثير من بيوتنا، ولا أنكر سعادتى بموقف زوجتك التى تركت عملها من أجل الاهتمام بك وبأولادكما، فقد ضحت بعملها من أجل سعادتك وسعادتكم واستقرار بيتكما، وهذا بالفعل أمرٌ يحسب لها، فكثير من بيوتنا يصيبها التصدع والانهيار بسبب انشغال أحد الزوجين أو كلاهما عن دوره فى رعاية الأسرة والأبناء، ولهذا فأنا أقدم لها ولمثيلاتها كل الشكر والتقدير.


الملاحظة الأهم فى رسالتك هو المثالية فى العلاقة الأسرية والتفاهم الرائع بينكما حتى وقت معرفتك ببعض الأشياء التى تخص زوجتك قبل معرفتك بها ومعرفتها بك وارتباطكما معًا، وهذا ما جعلنى أتوقف كثيرا وكثيرا أمام كلماتك، فأنت الآن تملك الحاضر كله بجماله وروعته، وتعيش واقعا رائعا، ثم يأتى الماضى لينغص عليك تلك الحياة الجميلة، مع أن الماضى قد انتهى وفات ومات، فلماذا تصر أن تجعل من الماضى الذى ليس له وجود فى حياتكما الآن حاجزا عاليا بينك وبين سعادتك مع زوجتك؟!


أخى الفاضل، كنت سأتعاطف معك وأقدر غيرتك إذا كانت زوجتك مازالت على علاقة بابن خالتها، أو اكتشفت أنها ما زالت تحبه، أو أساءت معاملتك وتربية أبنائك بسبب حبها القديم، وهذا لم يحدث، بل وجدت زوجة محبة مضحية معطاءة حريصة عليك وعلى بيتها، ثم تأتى وتريد أن تحاسبها عن الماضى الذى لم تعد تملكه هى ولا أنت، لتهدم سعادتك بيدك.ومن خلال ما يأتينى من مشاكل واستشارات يومية أشعر بمدى جفاف بعض البيوت من معانى المودة والرحمة والتفاهم والعطاء والتضحية، وتجد فى كثير من البيوت الأنانية فى العلاقة معولا يهدم كل معنى جميل، وهذه البيوت المتعطشة للحب والدفء لا يستشعر أحدٌ فيها السعادة والأمان، مهما كانت الرفاهية المادية والمكانة الاجتماعية، فلا شيء يعوض الإحساس بالمودة والرحمة والتفاهم بين الزوجين، وهذا التفاهم يجعل الأبناء سعداء آمنين.


هذه السعادة وهذا الدفء الأسرى الذى نهفو له جميعا تضحى به من أجل أوهام الماضى الزائفة، فلو كانت زوجتك لا تستطيع العيش بدون ابن خالتها لما وافقت بك وتزوجتك، بل كانت ستحارب من أجل الزواج منه، والأمر الأخر أن ماضى زوجتك ملكها وحدها وليس ملكك، فهى مسئولة عن ماضيها منذ أن وافقت على خطبتك وارتبطت بك، أما قبل ذلك، فهذا ماضيها وليس ماضيك، ولا تحاول أن تنبش فى جراح الماضي؛ فتدمى جرحًا غائرا يستمر معك فى المستقبل، وربما لم تخبرك زوجتك بماضيها لأنه لم يعد يمثل لها شيئا، أو لعدم استثارة غيرتك لحبها لك، وهذا يزيد من حبك وتقديرك لها، وليس العكس، فالحب لا يقابل إلا بالحب، والعطاء لا يقابل إلا بالعطاء، حاول أن تنسَى الماضى بكل ما فيه، وافتح صفحة جديدة مع زوجتك وأبنائك، عوضها عن معاملتك السيئة لها خلال الفترة الماضية، فهى لم تقترف ذنبا تحاسب عليه، بل كانت مخطوبة بشكل رسمي، ثم فسخت الخطبة، فالخطبة مجرد وعد بالزواج، وتخيل أن ابنتك خطبت ثم فسخت خطبتها، هل سيكون فسخ الخطبة وصمة عار لها، أم أنها القسمة والنصيب والقدر؟!


أخى الفاضل، قم الآن واسجد لله شكرا أن منحك تلك الزوجة الرائعة العاقلة المحبة، وعش معها ومع أبنائك كل لحظة فى سعادة، وتجاوزا معًا كل المشكلات الطارئة، ولا تجعل للشيطان سبيلا بينكما، بل كن عون لها على الشيطان، ولا تكن عونا للشيطان عليها، فالحياة لن تستقيم إلا بتعاونكما، واجعل الثقة المتبادلة أساس الحياة بينكما، ولا تلتفت لهفوات الماضي،