اكتئاب الطفولة

أسرة وطفل
طبوغرافي

د. إيمان السيد
معالج نفسي بمستشفى

الصحة النفسية بالدقهلية


يصيب الاكتئاب الأطفال مثل غيرهم من البالغين ولكن بنسبة أقل، مسببة لهم العديد من المشكلات الدراسية والاجتماعية،

وتظهر صورة الاكتئاب عند الأطفال في صورة على قلة التركيز والأرق والشعور بالحزن والضيق أو التوتر مع الشكاوى

الجسدية أو انطواء مع فقدان الثقة بالنفس، مع تقلص للنشاط الحركي ولعل أكبر مسببات الاكتئاب عند الأطفال الضغوط

والتوترات العائلية والخلافات ولهذا تتحسن حالة هؤلاء الأطفال بزوال تلك الضغوط وابتعادهم عن تلك الضغوط.

وأبرز أسباب الإصابة بالاكتئاب عند الأطفال تكون من العوامل الوراثية، حيث إن احتمالية إصابة الطفل بالاكتئاب منتشر

بشكل عام بين الأطفال الذين يتوفر لديهم تاريخ مرضي لنوبات اضطرابات في المزاج بين والديهم أو أحد الأقارب.

كما أن للعوامل الحيوية والبيولوجية دورا كبيرا حيث يعاني الأطفال والمراهقين المصابين بالاكتئاب بالعديد من التغييرات

والاضطرابات الحيوية مثل زيادة إفراز هرمون النمو أثناء النوم عن غيرهم من الأطفال الذين لا يعانون من اضطرابات

مزاجية..

وللعوامل الاجتماعية دور أيضا حيث بينت الدراسات التي تمت على التوائم المتطابقة التي تتفق 100% في شكل الجينات أن

الإصابة بالاكتئاب لم تكن بنسبة 100% بين التوائم أى أنه عندما يصاب أحد التوائم بالاكتئاب فليس قطعًا أن يصاب التوأم

الثاني بالاكتئاب لكن فقط تزداد احتمالية الإصابة ومن العلامات المهمة في تشخيص الاكتئاب هى بداية ملاحظة نقص وزن

الطفل عما هو متوقع في مثل سنه كما يضطرب نظام النوم فربما يصاب بالأرق أو قد يعاني من الرغبة المتزايدة في النوم أو

زيادة ساعات النوم مع الإرهاق وفقدان الطاقة والهمة والشعور باليأس وفقدان الثقة بالنفس والشعور بالذنب وتقل قدرة الطفل

على التركيز أو التفكير و ربما يتبادر إلى ذهنه أفكار تتعلق بالموت. ولكن لكى نشخص الاكتئاب لابد أن تصل حدة هذه

الأعراض إلى الدرجة التي تؤثر على حياة الطفل الاجتماعية أو أدائه الأكاديمي، وكذلك يجب ألا تكون هذه الأعراض عارضة

فمثلا من الطبيعي أن يصاب الطفل بالاكتئاب لو تعرض الطفل لوفاة أحد ممن يحبهم كأحد الوالدين مثلاً.. فلو حدث وتأثرت

حالة الطفل خلال شهرين من الحادثة فلا نعطي ذلك تشخيص "اكتئاب" ولكن إذا زادت عن ذلك فهنا يصبح الأمر مرضيًا

ويحتاج إلى التدخل العلاجي والسلوكي.

وهناك العديد من الطرق للتعامل مع اكتئاب الأطفال وعلاجه ويأتي في مقدمتها العلاج النفسي والذي يكون على يد طبيب نفسي

باستعمال الأدوية الطبية مع ضرورة الاعتماد على العلاج المعرفي السلوكي، حيث يعتبر من العلاجات الفعالة في الأطفال

والمراهقين ويكون الهدف منه هو تغيير المعتقدات والأفكار التي تعيق الشخص عن التأقلم مع ضغوط الحياة اليومية وتعليمه

مهارات مواجهة الأمور الصعبة وحل المشاكل بطريقة سلسة بمعنى أدق تصحيح الانحرافات والتشوهات المعرفية التي تبناها

مثل الشعور بالإحباط والفشل والنظر لنفسه نظرة سلبية والنظر للعالم نظرة اعتمادية أو عدوانية والنظر للمستقبل بتوقع الفشل و

المعاناة. كما أن الاسترخاء هو أحد الوسائل العلاجية حيث يساعد كثيرًا في حالات الاكتئاب وخاصةً في الحالات البسيطة

والمتوسطة.. وتظهر نتائج الاسترخاء على المدى البعيد، قد يحتاج المريض للخضوع لهذه التمارين لفترة طويلة.