كلمة العدد: الاقتصاد نصف المعيشة

الشارع المصري
طبوغرافي

بقلم/ ياسر على نور %d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%b1-%d9%86%d9%88%d8%b1-%d8%b9%d8%af%d8%af35-4

المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية

فى هذه الآونة دأب كثير من الناس على الشكوى من كثرة النفقات وغلاء الأسعار، والبعض الآخر يتحسر على الزمان الغابر، ويتمنى لو أن عجلة الزمان استدارت إلى الخلف، بينما يعقب الحكماء بقولهم: انظر إلى الأمام ولا تبكِ على اللبن المسكوب، وكن واثقًا أن "ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك".

والحقيقة أن الحياة مليئة بالأعباء والمشقات، وتلك طبيعتها منذ فجر التاريخ وستظل هكذا إلى قيام الساعة، وقد سجل الشعراء هذه المعاناة؛ فقال الشاعر الجاهلى زهير بن أبى سُلمى: "سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش.. ثَمانينَ حَولًا لا أَبا لَكَ يَسأَمِ"، وفى العصر العباسى أتى بشّار بن بُرد ليقول: "إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِرارًا علَى الْقذى.. ظمئتَ وأى الناس تصفو مشاربه".. إذًا فلا داعى للهم والغم والتبرم والضيق وصدق الله العظيم إذ يقول: { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِى كَبَدٍ}.

نلاحظ كذلك أن البعض يحسن كسب المال ولا يحسن الإنفاق، فيجمع المال من هنا وهناك؛ يعمل دوامين ولا يعود للبيت لا للنوم ثم يواصل الكد والتعب من اليوم التالى، وهكذا حتى تنقضى حياته وتُطوى صفحته، ولكن.. فى أى شيء يتم إنفاق ما كسب؟ هل يكفى كل متطلبات الحياة؟ وماذا يفعل إذا رتب الأولويات العاجلة من الأكثر إلحاحًا إلى الأقل ولم يجد الموارد تسمح إلا بنصف هذه القائمة؟ فهل توقفت الحياة؟ لا.. لم تتوقف ولكنها تستمر على مضض.. والمطلوب هو الاقتصاد فى ساعة اليسر حتى ننتفع بما ندخره فى أوقات العسر.

Cooyx-QWgAA22bM wku-td-lwv
وكن على يقين أنك بالقليل مع القناعة تصبح غنيًا، كما قيل "القناعة كنز لا يفنى"، فبها يكون فى حوزتك كنز متجد يورثك الغنى.. أقصد غنى النفس، التى تحيا فى ظلها بالرضا الحقيقى والسعادة الحقيقة.

ولا تنسى أن تعطى من القليل الذى آتاك حتى يبارك الله لك فيما بقى، فلستَ وحدك فى هذه الدنيا، إذا كان ربك قد رزقك وأعطاك من فضله، فاجعل منه نصيبًا للمحتاجين لإطعام الجائع وكسوة العريان، وسيعوضك الله خيرًا منه {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ}.

أخيرًا.. لا داعى للكماليات التى يمكن الاستغناء عنها، ولا للأجهزة المستوردة، أو المركات العالمية التى يقتنيها البعض لتكون مدعاة للتفاخر والمباهاة، بل نشجع المنتج المصري الذى يعود ربحه علينا، ونكتفى بالضرورى الذى لا تستقيم الحياة بدونه، فنسعد بما فى أيدينا، ونستعد لما قد يأتينا فى الأيام القادمة.