د. إيمان السيد
أخصائي الصحة النفسية
شهر رمضان المبارك هو منحة ربانية من الله تعالى، وهو لا يقتصر على منع الطعام والشراب والنكاح بل يتخطى إلى أكثر من ذلك حيث يعتني بتربية النفس على ترك العادات السيئة ومنح الفرد والجسد الطمأنينة والراحة النفسية والفكرية خاصة إذا فطن الصائم إلى ضرورة الابتعاد عما يعكر صفو صيامه من محرمات ومنغصات وبناء الفرد القادر على التحكم في سلوكه..
فالصوم يسبب نوعا من الفتور والكسل الناتج عن قلة الطعام ومن ثم يتكون لدى الإنسان قدر من التواضع وعدم التكبر واللجوء إلى الله تعالى وعدم الاغترار بالنفس، ولهذا فأكبر الفوائد النفسية للصيام هي تعميق الخشوع والإحساس بالضعف، والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية.
ويثبت هذا ما قاله الطبيب"ألكسيس كاريك": إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية،
وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام، إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، ويحدث أحيانا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف،
بيد أنه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك، ويتحرك معه أيضا الدهن المخزون تحت الجلد، وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد، وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسيط الداخلي، وسلامة القلب. إن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا.
كما الصوم يساعد على تحسين الحالة المزاجية وقدرة الإنسان على التعامل مع الضغوط. والآثار الايجابية للصيام على الحالة النفسية غالبًا ما تعتمد على خوض الإنسان للصيام كتجربة روحانية كاملة وليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب.
فالصيام نشاط روحاني يدفع الفرد إلى تخطي مرحلة الامتناع المجرد عن الطعام والشراب، إلى مرحلة الارتقاء الروحاني في الصيام كنشاط ديني،
ويظهر هذا من خلال التأثير الإيجابي لما يحيط الصوم على الحالة النفسية مثل زيادة الترابط والتواصل الاجتماعي في رمضان. والقدرة على ضبط النفس وعدم الاستسلام لاندفاع الغضب.
كما أن للصيام فوائد أخرى من خلال منعه لبعض العادات السيئة مثل التدخين الذي يفاقم من التوتر والعصبية خلال فترة الصيام.