المصريون يستعدون لحرارة الصيف بالقلة والزير

مشروعات صغيرة
طبوغرافي

طين منطقة الفسطاط الأفضل.. ونُصدّر لألمانيا 

تحت شعار العودة إلى الطبيعة لجأ كثير من المصريين إلى مبردات المياه التقليدية، مثلالقُلة ذات الاستخدام الفردي والزير المخصّص للخدمة الجماعية، والزير، والقلة كانا منتشرين بكثافة في البيوت المصرية، خاصة في السنوات التي سبقت اختراع الثلاجة، ثم انحسر استخدامهما تدريجيا مع تطوّر التكنولوجيا الحديثة، لكن مازالت الأحياء الشعبية تبقي على وجودهما.

منطقة الفواخير بمدينة الفسطاط التاريخية، في حي مصر القديمة، كانت أول عاصمة لمصر بعد الفتح الإسلامي، وقد ارتبطت تاريخيا بصناعة القُلّة والزير لتميّز أرضها بنوع ناعم من الطين، يميل لونه إلى الأحمر ويستخدم في صناعة تلك الأواني.

وبمجرد دخول المنطقة تقتحم أنفك رائحة الطمي المنتشرة في الهواء، فتقف للحظات مترددا بين مواصلة طريقك أو العودة من حيث أتيت، لكن نداءات بائعي الفخار المنغمة تغريك بالمتابعة.

إحدى الورش بدت كمتحف يجسد الماضي ويتحدّى الحاضر عبر ما يعرضه من أوعية فخارية، الحاج شلبي صاحب الورشة (76 عاما) قال إن ورش الفخار كانت، في البداية، تقع خلف جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة، لكن في عام ‏1962‏ انتقل صانعو الفخار إلى “بطن البقرة” بنفس المنطقة، ليحوّلوها من زرائب للخنازير إلى فواخير، لإنتاج فخاريات تروّج في مصر وتُصدّر كذلك للعديد من الدول كألمانيا والجزائر. ثم نقلت كل الورش إلى قرية الفخار التي تم وضع حجر أساسها في يوليو ‏2006.

وأضاف أن صناعة الفخار ازدهرت في العصر الإسلامي، وتم ابتكار أشكال جديدة وزخارف متنوّعة، حتى أضحت القاهرة مركزا مهما لإنتاج الفخار الشعبي في عصر المماليك. لكن القلال والأزيار تحوّلت بمرور الوقت إلى مرايا تعكس الأوضاع الاجتماعية، إذ يدلّ غطاء القلة مثلا على الحالة المادية للأسرة، فالنحاس للأغنياء، والألومينيوم للأقل ثراء، والفقير يضع عليها قماشا أبيض، في حين أنّ عود نعناع أو ريحان على القلة أو بداخل الزير يوحّد الفقير والغني.

العم يحيى، صاحب ورشة، يشرح مراحل صناعة الفخار، قائلا: تبدأ بإعداد الطين الطبيعي، في إناء عميق، لتهيئة العجين الذي يُقطع بعد ذلك إلى كتل حسب الحجم المراد تصنيعه، ثم توضع قطعة العجين على الدولاب لتشكيلها. وبعد ذلك توضع في الشمس لتجفّ ويتم حرقها ثم تتعرّض للهواء لتبرد، وفي بعض الأحيان تُلوّن أو تُجرى رسوم أو زخارف عليها لجذب الزبون.

ويطالب العاملون بالمهنة الحكومة بالحفاظ على صناعة الفخار، من خلال إدخال العاملين بها في منظومة الضمان الاجتماعي الذي يكفل لهم العلاج والمعاش بعد التقاعد، لكي يشجع الأجيال الجديدة على احترافها وأن يتبعوا وزارة السياحة أو وزارة الآثار، باعتبار أن ما يصنعونه مادة تكميلية لبعض كلياتهم، ومن الضروري أن تكون أساسية، فبعض الطلاب يأتون إلى المكان لكي يتعلموا المهنة عمليا.

أحمد عبدالجليل، خبير الصحة العامة، ينصح المترددين عليه للعلاج من آلام المعدة باستخدام القلة، فهي تتميز بالمسامية بمعنى أن الفخار به مسام صغيرة تسرّب المياه ببطء شديد وباستمرار لإبقاء السطح الخارجي للقلة رطبا، وهذا بمثابة فلتر طبيعي يمتص الشوائب لتصبح المياه طبيعية، بالإضافة إلى أن درجة برودتها تكون طبيعية لا تؤدّي إلى تقلصات المعدة والتهابها.