"الخيامية".. مهنة تنقرض!

مشروعات صغيرة
طبوغرافي

في أقدم شوارع القاهرة، وفي قلب مصر الإسلامية النابض “شارع المعز لدين الله الفاطمي”، هذا المكان الذي يشهد كل شبر فيه علي ما تركه الأجداد من بصمات واضحة علي الفنون بمختلف أشكالها، عمارة المساجد، المشربيات، السبل، الفانوس، حرفة صناعة النحاس، الزجاج، السجاد، الشموع، الطرابيش، والخيامية.

كل هذه الحرف وغيرها الكثير التي تعبر عن مكنون الفن داخل كل مصري، ودون دراسة أكاديمية، وتبقي الفطرة هي المحرك الأساسي، للتعبير عن ذلك الفن أو ذاك، واليوم عزيزي القارئ نصحبك للتعرف علي مهنة أوشكت علي الانقراض، وهي فن صناعة الخيام، أو كما اصطلح علي تسميته بـ”الخيامية”.

في البداية يقول أحمد محمد “صانع خيام” 27 عاماً، ورثت العمل بهذه المهنة عن أبي، فمعظم عائلتي تعمل في هذه المهنة منذ قرون، وكان عمري وقتها 13 عاماً.

ويضيف أحمد أن مهنة صناعة الخيام بهذا الشكل بدأت منذ العهد العثماني، وكان أساسها صناعة كسوة الكعبة المشرفة، ثم تلا ذلك تعبيرها الفني عن العصور المختلفة مثل “الشغل” الفرعوني والإسلامي، ومعظم شغل الخيامية يعبر عن عصر مرت به مصر فكل لوحة بمثابة تأريخ للأحداث في مصر.

وعن أشهر اللوحات التي صنعها أحمد يقول: كل عمل أنتهي منه هو أفضل أعمالي، أما عن رأيه فى أشهر فناني هذه المهنة فيقول: كل فنان في هذه المهنة له بصمة ومنهم محمود السناسلي، وحسني الخيمي، وعصام علي، والحمد لله مازالوا أحياء ويمتعوننا بأعمالهم الفنية، فهم لا يعملون من أجل المال ولكن من أجل الفن.

يسرد أحمد أشهر مدارس هذا الفن فيقول: الحاج محمد هاشم هو أحد رواد هذا الفن، ومحمود الشيخ، فالحاج محمد هاشم مميز في “الشغل العربي” ومحمود الشيخ مميز في صناعة السرادقات، فمجال الخيام لم يعد مقصورا علي الخيام وحدها، بل امتد ليدخل في تصميم الأزياء، وتطريز “العبايات” بالشغل اليدوي “العربي وزهرة اللوتس” من نفس خامات الخيام وهو “التيل”.

وعن مستقبل هذا الفن يقول: مهنتنا أصبحت مثل القوات الخاصة، يمكن استدعاؤها في أي وقت، وهي من المرونة بحيث يمكن أن تدخل في أي شيء، وعلي سبيل المثال ففي صناعة خيام السفاري يمكن أن تكون الأقمشة المستخدمة في صناعة الخيام هي نفسها المستخدمة في كساء الصالونات بداخلها بما فيها الرسومات والزخارف، فأنا قمت بتصميم بعض الخيام المجهزة لبعض الأمراء العرب بالتعاون مع مهندسي الديكور.

ويضيف أحمد أن المهنة أوشكت علي الانقراض بسبب إحجام البعض عن تعليم أبنائهم هذه المهنة، وإحجام السائحين عن القدوم لمصر، وأغلبية شركات السياحة تصدر تعليمات إلي السائحين بعدم التجوال منفردين داخل الأسواق كما كان يحدث بالسابق، وأصبحت شركات السياحة تأخذهم للتجوال داخل “المولات” ثم العودة إلي الفندق، وهو ما سبب حالة من الركود في شارع المعز ومنطقة خان الخليلي، وتسبب أيضا في أن يترك كثير من الصناع هذه المهنة ليطرقوا أبواب رزق جديدة، فالمهنة أصبحت في خطر.