أصل كلمة" مَــعَـــلِــش"

شعر وشعراء
طبوغرافي

أ.د/أحمد عادل عبد المولى

images (5)

اللغة كائن حيّ، تحيا على ألسنة الناس، ويحيا بها الناس أيضًا؛ إذ إنها وسيلة التواصل بين البشرية جميعًا، ولذلك أشبهت الهواءَ الذي لا غنى للإنسان عنه، ومن هنا يأتي هذا المقال بعنوان “نسمات لغوية”، نسعى فيه جاهدين لتقديم فائدة لغوية في لغتنا العربية.

ولأن اللغة كائن حي؛ فكثيرًا ما نستخدم في حياتنا اليومية تعبيراتٍ وألفاظًا نعتقد أنها منبتّة الصلة عن الفصحى، ولكنها في الحقيقة من أصل فصيح في لغتنا العربية. من هذا استخدامنا في العامية المصريّة لكلمة الاعتذار (معلش)، وهي في الحقيقة كلمة منحوتة من جملة: (ما عليه شيء) أو (ما عليّ شيء) –حسب توجيه الاعتذار إن كان للذات أو لغيرها- وذلك بعد أن أصابها البلى اللفظي الذي يعني أن الكلمات تبلى نهاياتها، وتقص أطرافها؛ نظرًا لكثرة الاستعمال ولا سيّما في العاميّات، وهذا معروف ومعهود في الكثير من اللغات، وليس أدل على ذلك في اللغات الأوربية من اللغة الفرنسيّة التي لا تنطق فيها نهاية كلماتها.

والذي حدث هنا في كلمة (معلش) أمران: الأول هو البِلَى اللفظي في كل كلمة من جملة (ما عليه/ عليّ شيء)، فذهبت الألف من (ما) وبقيت الميم، وذهبت الياء والهاء من (عليه) وبقيت العين واللام، وبقيت الشين فقط من (شيء)، وهذه الشين هي ذاتها التي تحوّلت إلى أداة نفي في عاميتنا المصرية، في مثل قولنا: (ما كتبتش)، و(ما شفتش)، حيث إن أصلها: (ما كتبت شيء)، و(ما شفت شيء)، وحينما صارت هذه الشين جزءًا من الكلمة على هذا النحو، ولم تعد تعني شيئا سوى أنها جزء من النفي مع حرف النفي (ما)؛ صار الناس يقولون: ما شفتش شيء، وما كتبتش حاجة، رغم أن هذه الشين هي ما بقي من كلمة (شيء) التي تعنيها كلمة (حاجة) أيضًا في الاستعمال العاميّ.أما الأمر الثاني الذي حدث في كلمة (معلش) فهو النحت الذي يعني انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر؛ حيث اجتمعت هذه الكلمات المنقوصة أطرافها بعد البلى اللفظي في كلمة واحدة، فصارت من: (ما عليه شيء) أو (ما عليّ شيء) إلى (م عل ش) ثم إلى (معلش)، وربما بقيت الهاء أيضًا من كلمة (عليه) فنطقها بعض المصريين (معلهش)، والله تعالى أعلى وأعلم.